الذكرى الـ25 لوقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو
يصادف تاريخ اليوم (6 شتنبر) مرور 25 سنة على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، الذي رعته الأمم المتحدة وكلفت بعثة "المينورسو" بمهمة السهر على احترامه وتنفيذ ما جاء فيه منذ ذلك الوقت.
الوثيقة الثلاثية
في 14 نونبر من سنة 1975، وقعت كل من إسبانيا والمغرب وموريتانيا في مدريد اتفاقا ثلاثيا يمهد لخروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين المغرب وموريتانيا (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).
وفي 27 فبراير من عام 1976 أعلنت جبهة البوليساريو عن تأسيس ما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"، وذلك بعد يومين من إكمال القوات الأسبانية انسحابها من الصحراء.
واعتبرت الجبهة الانفصالية التواجد المغربي والموريتاني في الصحراء بمثابة "احتلال"، وبدأت بشن حرب عصابات بدعم جزائري ليبي، وركزت هجوماتها في سنوات الحرب الأولى على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع.
وفي 10 يوليوز من سنة 1978، وقع انقلاب عسكري بموريتانيا أطاح بالرئيس المختار ولد داداه الذي كان يعتبر حليفا للمغرب، ليصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد، وقرر حكام نواكشوط الجدد آنذاك التنصل من الالتزامات التي وقعت عليها موريتانيا في مدريد، ووقعوا اتفاق سلام مع جبهة البوليساريو، حيث تم الإعلان رسميا عن انسحاب موريتانيا من الاتفاقية، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
وأمام هذا الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وقامت القوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر. وبعد انسحاب موريتانيا من النزاع، ركزت جبهة البوليساريو كل هجماتها على الجيش المغربي.
لماذا تم توقيع الاتفاق ؟
كان جنوح البوليساريو نحو التصعيد واضحا حيث رفعت شعار "بالبندقية ننال الحرية"، وركزت في سنواتها الأولى على الحل العسكري، لكن مع مرور السنوات بدأت الجبهة تؤمن بعدم جدوى الحرب خصوصا مع بروز ظروف جديدة، دفعت الجبهة الانفصالية مكرهة إلى قبول توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الأمم المتحدة.
ويمكن تلخيص هذه الظروف في ثلاثة عوامل رئيسية:
الجدار الرملي العازل، الذي أنشأه المغرب سنة 1980 لإحكام المراقبة وضبط الحدود، وتم إقراره كمنطقة عازلة في عهد الملك محمد السادس كمبادرة حسن نية ومقدمة للمبادرة المغربية بشأن التفاوض من أجل الحكم الذاتي.
ففي سنة 1987 أنهت القوات المسلحة الملكية المغربية بناء آخر شطر من الجدار الأمني، الذي بلغ طوله 2500 كيلومتر، حيث استطاع المغرب بعد ذلك تحقيق السيطرة الميدانية والتحكم في زمام الأمور.
وتمكن الجدار الأمني المغربي من إنهاء حرب العصابات التي كان يشنها مقاتلو البوليساريو، وكانت آخر المعارك التي شنها مقاتلو البوليساريو عام 1989 في كلتة زمور، وأسفرت المعركة عن مقتل نحو مائة من مقاتلي الجبهة.
أما العامل الثاني فيتجلى في التحولات الدولية التي شهدها العالم، خاصة مع بداية انهيار المعسكر الشرقي، وسقوط جدار برلين، وهو ما ساهم في تراجع الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي للجبهة الانفصالية من قبل دول اشتراكية معظمها من أمريكا اللاتينية.
العامل الثالث يتلخص في الصراع السياسي الذي شهدته الجزائر عقب انتخابات 1990 التي فاز فيها الاسلاميون وجبهة الانقاذ وما أعقبه من صراعات ، مسلحة أودت بحياة مئات الآلاف من الجزائريين.
توقيع اتفاق وقف اطلاق النار
في السادس من شهر شتنبر تم توقيع اتفاق إطلاق النار بين المغرب و جبهة البوليساريو بناء على مبادرة التسوية التي أطلقتها الأمم المتحدة، هي الخطة التي كان المغرب سباقا للموافقة عليها، قبل أن تبادر جبهة البوليساريو إلى الانخراط فيها.
بعد ذلك أصدر مجلس لأمن الدولي قراره عدد 690 سنة 1991، القاضي بإنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في "الصحراء المغربية" وفقا لتقرير الأمين العام (S/22464) والذي فصّل بشكل أكبر خطة التنفيذ.
واقتصرت المهمة الأساسية لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء منذ ذلك الوقت على التحقق من وقف إطلاق النار ووقف عمليات القتال. وأنشئ مقر البعثة في العيون كما أنشئ مكتب اتصال أيضا في تندوف لمواصلة الاتصال مع السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو.