أصوات نيوز/
يُظهر استدعاء الجزائر للسفير الفرنسي احتجاجًا على المناورات العسكرية بين فرنسا والمغرب تناقضًا واضحًا في موقفها من التعاون العسكري بين الدول. فمن جهة، تعتبر الجزائر هذه المناورات “استفزازية” و”خطيرة”، ومن جهة أخرى، سبق لها أن أجرت مناورات مماثلة مع روسيا على مقربة من الحدود المغربية دون اعتبارها تهديدًا لجيرانها. هذا التناقض يثير تساؤلات حول دوافع الجزائر الحقيقية وراء هذا الاحتجاج، خاصة أن المناورات العسكرية تُعدّ ممارسة طبيعية بين الدول ولا تستدعي عادة مثل هذا التصعيد الدبلوماسي.
اعتراض الجزائر على المناورات المغربية – الفرنسية بينما سبق لها أن أجرت مناورات مع روسيا قرب الحدود المغربية يكشف عن نهج مزدوج في سياستها الخارجية. إذا كانت الجزائر ترى في أي مناورات قرب حدودها تهديدًا، فمن المنطقي أن تتوقع رد فعل مشابهًا من المغرب تجاه مناوراتها مع روسيا. غير أن الاحتجاج الجزائري يبدو انتقائيًا، وهو ما يعكس عدم اتساق في مواقفها.
يبدو أن هذا الموقف يأتي في سياق عزلة دبلوماسية متزايدة تعيشها الجزائر، حيث تدهورت علاقاتها مع عدة دول، مثل فرنسا وإسبانيا والمغرب ومالي والنيجر. يُفسَّر هذا التوتر بانعدام رؤية استراتيجية واضحة للجزائر في التعامل مع التحولات الجيوسياسية، خاصة بعد اعتراف فرنسا وإسبانيا بمغربية الصحراء، وهو ما زاد من شعورها بالضغوط. وبدلًا من إعادة تقييم سياستها الخارجية، تلجأ الجزائر إلى تبني خطاب المؤامرة، متهمة الدول الأخرى بـ”الاستفزاز” و”التآمر” ضدها.
يأتي الاحتجاج الجزائري ضد فرنسا بعد سلسلة من التوترات بين البلدين، خاصة بعد اعتراف باريس بمغربية الصحراء. يبدو أن الجزائر تحاول الضغط على فرنسا من خلال هذا الموقف، لكن هذا النهج قد لا يكون فعالًا، خاصة أن فرنسا لم تُظهر أي استعداد للتراجع عن موقفها الأخير. إضافة إلى ذلك، فإن المناورات المغربية – الفرنسية ليست بالأمر الجديد، بل تُجرى سنويًا، ما يجعل الاستدعاء الجزائري للسفير الفرنسي خطوة غير مبررة إلا إذا كانت جزءًا من تصعيد سياسي مقصود.
المناورات العسكرية بين الدول ليست أمرًا استثنائيًا، بل هي جزء من التعاون الدفاعي الطبيعي، وهدفها الأساسي تحسين التنسيق بين القوات المسلحة. ومن هذا المنطلق، فإن احتجاج الجزائر يعكس أكثر مخاوف سياسية منه عسكرية. فحتى لو كانت الجزائر تنظر إلى أي نشاط عسكري مغربي بتوجس، فإن هذه المناورات لا تشكل تهديدًا مباشرًا لها، خاصة أن المغرب وفرنسا شريكان عسكريان منذ سنوات طويلة.
الاحتجاج الجزائري على المناورات العسكرية بين المغرب وفرنسا يكشف عن تناقضات في سياستها الخارجية، ويبدو أنه جزء من استراتيجيتها للتصعيد الدبلوماسي في مواجهة العزلة المتزايدة التي تعيشها. كما أن استدعاء السفير الفرنسي يعكس استمرار التوتر في العلاقات الجزائرية – الفرنسية بعد موقف باريس الداعم لمغربية الصحراء. في النهاية، يبدو أن الجزائر تستخدم هذا الملف كأداة سياسية بدلًا من كونه قضية أمنية حقيقية، في وقت تحتاج فيه إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الدبلوماسية بدلًا من تبني مواقف تصعيدية غير متناسقة
