أصوات نيوز/
يتجول داخل أسوار منشأة أمريكية، رومولوس وريموس، جروان يبلغان من العمر ستة أشهر، يلعبان كما يفعل أي جروين. لكن ما يلفت الانتباه ليس فقط حجمهما الكبير—حيث يبلغان قرابة 120 كغ عند البلوغ—بل سلوكهما الغريب، إذ يبتعدان عن البشر ويتصرفان كذئاب برية لا ككلاب أليفة. وهذا طبيعي، لأنهما في الحقيقة ذئبان رهيبان (Dire Wolves)، نوع انقرض منذ أكثر من 10,000 سنة.
ولكن كيف وُجد رومولوس وريموس في القرن الحادي والعشرين؟ السر يكمن في شركة “Colossal Biosciences”، وهي شركة أمريكية للتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية تأسست عام 2021، تهدف إلى إعادة إحياء الأنواع المنقرضة باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية المتقدمة.
من الماضي إلى الحاضر: كيف أعيد الذئب الرهيب إلى الحياة؟
استخرج علماء “Colossal” الحمض النووي للذئب الرهيب من حفريات قديمة—أحدها من سن يبلغ عمره 13,000 سنة عُثر عليه في ولاية أوهايو، والآخر من عظمة أذن عمرها 72,000 سنة من ولاية أيداهو.
وبعد تحليل الجينات، قاموا بإجراء 20 تعديلاً دقيقًا على 14 جينًا في ذئب رمادي حديث، ما منح الذئب الجديد صفات الذئب الرهيب: حجم أكبر، فكّ أعرض، أسنان أقوى، وفرو أبيض مميز، بل وحتى عواء مميز لم يُسمع منذ آلاف السنين.
تم نقل النوى المعدّلة إلى بويضات كلاب منزوع منها نواتها، ثم زُرعت في أرحام كلاب مختلطة السلالة تتمتع بصحة جيدة وقدرة على تحمل ولادة جراء كبيرة الحجم. وكانت النتيجة ولادة رومولوس وريموس في أكتوبر 2024، وتبعهما “خليسي” في يناير 2025.
هدف علمي أم عبث بيئي؟
لا تسعى “Colossal” فقط لإعادة الذئب الرهيب، بل لديها قائمة طموحة تشمل الماموث الصوفي، طائر الدودو، والنمر التسماني.
وتبرر الشركة مشروعها بأن التكنولوجيا المستخدمة يمكن أن تُنقذ أنواعًا مهددة حاليًا بالانقراض، بل وتمنح البشرية فرصة للتكفير عن تدميرها المتواصل للتنوع البيولوجي.
وفي مارس الماضي، فاجأت الشركة المجتمع العلمي بإعلانها عن أول “فأر صوفي” يحمل صفات الماموث كخطوة أولى لإحياء حيوان الماموث.
لكن الأصوات المعارضة تُحذر من عواقب غير متوقعة، حيث أن إدخال كائنات منقرضة إلى بيئات جديدة قد يخلّ بتوازن الأنظمة البيئية، كما أن التكنولوجيا لا تزال في بدايتها، وقد تؤدي إلى مضاعفات صحية للأنواع المستنسخة أو حتى للحوامل البديلات.
ولادة رومولوس وريموس لحظة مفصلية في تاريخ العلم، لحظة عاود فيها صوت العواء القديم الظهور بعد صمت دام أكثر من عشرة آلاف عام.
