عبد الإله بنكيران.. هل أنقذ المغرب أم أجهض التغيير؟ شارك برأيك
في الـ 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 عُين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (إسلامي) عبد الإله بنكيران رئيسا جديدا للحكومة المغربية خلفا لعباس الفاسي المنتمي لحزب الاستقلال (محافظ).
كان تعيين بنكيران في هذا المنصب متزامنا مع تطلعات كبيرة للمواطن المغربي نحو الإصلاح، رفع منسوبها حراك اجتماعي داخلي وسياق إقليمي عرف "بالربيع العربي".
وقد منح دستور جديد للبلاد صلاحيات إضافية لرئيس الحكومة، لكن أصواتا كثيرة تنتقد بنكيران وتتهمه بـ"التخلي" عن صلاحياته في دستور 2011 للملك، مقابل "إرضاء القصر".
في المقابل، يعترف محللون سياسيون واقتصاديون بأن بنكيران قاد الحكومة للتعامل مع "الملفات الشائكة" التي لم تجرأ الحكومات السابقة على فتحها، ويرون أن "حكومة بنكيران فضلت المغامرة بشعبيتها على تفادي إصلاحات لا تحظى بقبول شعبي".
يرى المحلل السياسي عمر الشرقاوي أن حكومة بنكيران "ليست أسوأ الحكومات، لكنها في المقابل ليست أفضل حكومة في تاريخ المغرب. هذه الحكومة جاءت في سياق خاص جعل الرهان عليها كبيرا".
ومن أبرز الأشياء، التي نجح بنكيران في قيادة حكومته لتحقيقها خلال خمس سنوات، يقول الشرقاوي "لا أحد ينكر المجهودات التي قامت بها الحكومة في إصلاح سياسة الدعم الاجتماعي وتجنيب المغرب سيناريو شبيه بما حدث في اليونان. بالإضافة إلى إصلاح منظومة الصحة وبرامج اجتماعية مثل صندوق دعم الأرامل".
وقد حاولت الحكومة توجيه دعم للفئات المعوزة من خلال خلق منحة شهرية للأرامل، والتغطية الصحية لصالح الطلبة، ورفع منح الطلبة، والاتفاق مع المقاولات على الرفع من الحد الأدنى للأجور.
وتمكنت الحكومة مطلع العام الجاري من تمرير مشروع قانون عبر مجلس النواب يروم إصلاح صناديق التقاعد المهددة بنفاد مخزوناتها بعد خمس سنوات.
ويرفع مشروع القانون سن التقاعد بشكل تدريجي من 60 إلى 63 سنة، ويرفع في الوقت ذاتها مساهمة الموظفين في صناديق التقاعد من 10 إلى 14 في المئة بشكل تدريجي.
ورغم أن قرارات مثل هذا أثارت سخطا في الشارع المغربي، لكن مراقبين يرون أنها تُحسب لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران.
ويعلق مدير نشر يومية "أخبار اليوم" موقع "اليوم 24 " توفيق بوعشرين على هذه الإصلاحات قائلا "ذهبت الحكومة، بشجاعة، إلى الإصلاحات الهيكلية التي تحتاج إليها البلاد (..) ثم عمدت إلى إصلاح صناديق التقاعد المهددة بالانهيار، عن طريق وصفة مرٌّ طعمها، لكنها ضرورية للعلاج".
ويشيد بوعشرين بقرارات أخرى قادها بنكيران مثل رفع الدعم العمومي عن المحروقات ورفع فاتورة الماء والكهرباء على الطبقات الغنية والمتوسطة "لحل العجز الذي كان يهدد المكتب الوطني للماء والكهرباء".
ويضيف بوعشرين "تقع هذه القرارات في خانة السياسات غير الشعبية، لكن حكومة بنكيران فضلت المغامرة بشعبيتها من أجل الإصلاح، على تأجيل القرارات الضرورية خوفاً من غضب النقابات والشارع، الذي لم يعتد من الحكومات السابقة قرارات حاسمة مثل هذه".
"هل ضحّى بالدستور؟"
لكن مقابل هذا النجاح في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، يعيب الشرقاوي على بنكيران أنه "فشل في توظيف الفرص التي منحتها الوثيقة الدستورية للطبقة السياسية".
ويوضح ذلك قائلا: "لا يزال بنكيران لا يمارس الصلاحيات التي منحها له الدستور. لا يزال لم يظهر قوة في ممارسة صلاحياته، بل كان مهتما بتقوية الثقة مع المؤسسة الملكية".
ويرى الكاتب الصحافي المغربي علي أنوزلا أن "كل جهد الحزب ورئيسه الذي هو في الوقت ذاته رئيس الحكومة هو كسب ثقة القصر ورضا ساكنه. نفس السيناريو تكرر مع تجربة المعارضة اليسارية السابقة، عندما قدم زعيمها آنذاك عبد الرحمن اليوسفي نيل ثقة القصر على ثقة الشعب فكانت النتيجة هي المصير المأساوي الذي آل إليه حزبه اليوم".
لكن القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين يدافع عن طريقة بنكيران "المرنة" في التعامل مع الصلاحيات التي منحها له الدستور.
ويقول حامي الدين لموقع "الحرة" إن "التطور الذي جاء به دستور 2011 كان متقدما عن دستور 1996 ، ولكنه لم يصل إلى درجة الترسيخ النهائي للنظام البرلماني وترسيخ السلطة التنفيذية بيد الحكومة المنتخبة".
ويضيف "لذلك فإن التقييم الموضوعي ينبغي أن يراعي أن النظام الدستوري لا يزال يحتفظ بموقع الصدارة للمؤسسة الملكية، فضلا عما تقتضيه طبيعة المرحلة الانتقالية من مرونة لضمان نجاح عملية نقل بعض الصلاحيات من سلطة إلى أخرى".
في المقابل، ينتقد النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) الشرقاوي الروداني إقصاء الحكومة للمعارضة في تعاملها مع ملفات عدة، وعدم تطبيقها لمقتضيات الدستور.
ويضيف الروداني: "للأسف الحكومة الحالية لم تعمل على ممارسة الصلاحيات التي منحها لها دستور 2011. يمكن القول إن حكومة بنكيران لم تكن لها أخلاق دستورية".
ويرى الروداني أن حكومة بنكيران "أخلفت الوعود وأجهضت مجموعة من المشاريع، ولم تكن تجربتها في المستوى المطلوب".
ويرى أن بنكيران نفسه "لم يكن يمتلك الحنكة السياسية المطلوبة للتصرف في الصلاحيات التي منحها له دستور 2011"، رغم أن هناك "مقولة شائعة في المغرب تؤكد على أن ما لبنكيران لبنكيران وما للملك للملك."
وعلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي، يقول: "الحكومة فشلت في ترتيب الأولويات الاجتماعية، وتراجعت السياحة في السنوات الماضية، وكان من الممكن أن نحقق نسبة نمو أكبر، لكن ذلك لم يحدث".
لكن، رغم الانتقادات التي وجهت لتجربة العدالة والتنمية، فإن الحزب احتل المركز الأول في الانتخابات الجهوية التي عرفتها البلاد في الرابع من أيلول/ سبتمبر سنة 2015، وحصد المركز الثالث في الانتخابات الجماعية التي جرت في التاريخ نفسه بعد حزب الأصالة والمعاصرة (يمين/ معارضة) وحزب الاستقلال (محافظ/ معارضة).
وتشير أغلب التوقعات إلى أن التنافس على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من الشهر المقبل سينحصر بشكل كبير بين العدالة والتنمية بقيادة بنكيران وخصمه اللدود حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة إلياس العماري.
وحصد العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الماضية المرتبة الأولى بحصوله على 107 مقاعد، ما مكنه من تشكيل الحكومة التي يقودها حاليا والمكونة إلى جانبه من ثلاثة أحزاب أخرى هي التجمع الوطني للأحرار (يمين)، حزب التقدم والاشتراكية (يسار)، وحزب الحركة الشعبية (يمين).
المصدر: موقع "الحرة"
متابعة:أصوات نيوز