برنامج "العدالة والتنمية" يعتمد ثلاثة سيناريوهات لنمو اقتصاد المملكة
كد حزب العدالة والتنمية أنه اختار "بعد دراسة متأنية" أن لا يعلن عن أهداف نمو محددة في برنامجه الانتخابي، وقدم عوض ذلك نموذجا ماكرو-اقتصاديا للنمو وفق ثلاثة سيناريوهات، وذلك اعتبارا لخصائص النسيج الاقتصادي الوطني التي تعرضه لصدمات خارجية تؤثر في مستويات نموه.
وأوضح الحزب في برنامجه الانتخابي انه اعتمد هذه السيناريوهات الثلاثة بناء على التوقعات الاقتصادية الوطنية والدولية في تجلياتها ذات الصلة بعجز الميزانية والتضخم ودين الخزينة وأداء القطاع الفلاحي وسعر برميل النفط الخام ومتوسط معدل النمو وتطور الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
وأضاف أن السيناريو الأول لهذه الفرضيات يتوقع تحقيق نسبة نمو تتراوح ما بين 3 و4 في المائة، مع متوسط سعر برميل النفط في حدود 65 دولار، فيما يتوقع السيناريو الوسطي تحقيق نسبة نمو تتراوح ما بين 4 و 5,5 في المائة، على أساس وصول سعر النفط إلى 50 دولار للبرميل.
أما السيناريو الثالث فيتوقع تحقيق نسبة نمو ما بين 5,5 و 6,5 في المائة، ونزول سعر النفط إلى 40 دولار للبرميل الواحد.
ويراهن الحزب على السيناريو الوسطي وذلك انطلاقا من أن المرحلة المقبلة "تبدأ برصيد إيجابي يتمثل في استعادة التوازنات الماكرو-اقتصادية وإنجاز مجموعة من الإصلاحات الهيكلية والتحسين النوعي لمناخ الأعمال"، مما أصبح متاحا معه في المدى القصير اعتماد سياسة إرادية للرفع من وتيرة النمو الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي للسكان.
ويتوقع في هذا الصدد أن يعرف نمو الاقتصاد الوطني تحسنا ليناهز 5 في المئة في المتوسط خلال الفترة 2017-2021، عازيا هذا التحسن، بالأساس، إلى نمو القطاع الفلاحي بنسبة 7,4 في المئة، وهو نفس المستوى الذي سجل خلال الأربع سنوات الأخيرة، وتحسن نمو الأنشطة غير الفلاحية الراجع إلى التطور الإيجابي الذي عرفته الصادرات خلال السنوات الأخيرة والتعافي المتوقع للأداء الاقتصادي لدى الشركاء وخاصة أوروبا، مما يدعم الصادرات والسياحة وتحويلات المغاربة القاطنين بالخارج.
وسيستفيد النمو ، يضيف الحزب، من تحسن هامش التصرف على مستوى تمويل الميزانية الذي سيؤدي إلى تعزيز مساهمة الطلب الداخلي في النمو الاقتصادي، حيث من المتوقع أن يتحسن مستوى استهلاك الأسر بنسبة 2,5 في المئة نتيجة لتحسن القدرة الشرائية بفضل السيطرة على التضخم وتفعيل تدابير العدالة الاجتماعية. أما في ما يخص الاستثمار، فسيعرف تحسنا نتيجة لانتعاش الائتمان الموجه للاقتصاد والتحفيزات التي سيعرفها القطاع الصناعي، وسيستفيد كذلك من دعم الاستثمار العمومي ومواصلة المنحى التصاعدي للاستثمارات الخارجية.
كما توقع الحزب، موازاة مع ذلك، أن تتحسن مساهمة الطلب الخارجي في النمو، مكرسة بذلك التطور الإيجابي الذي عرفته الصادرات خلال السنوات الأخيرة، لاسيما صادرات الصناعة وتحسين إيرادات السياحة والتحويلات. غير أن عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات قد يعرف تراجعا طفيفا ليصل إلى أقل من 3 في المئة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2021، عازيا ذلك إلى دينامية نمو القطاع غير الفلاحي التي ستؤدي إلى ارتفاع حجم الواردات خاصة واردات التجهيزات والمعدات.
وخلص إلى أنه إذا كان السيناريو الوسطي يتوقع تحقيق نسبة نمو تقدر ب 5 في المئة، فإنه سيسمح بالتحكم في عجز الميزانية وعجز الحساب الجاري لميزان الأداءات اللذين قد يستقران في مستويات لا تتجاوز 3 في المئة، مما يضمن استدامة المالية العمومية على المدى المتوسط، ذلك أن مستوى مديونية الخزينة قد يتراجع من 64 في المئة حاليا من الناتج الداخلي الخام إلى أقل من 57 في المئة بحلول سنة 2021.
وبالمقابل، يرى حزب العدالة والتنمية أن الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية يعتبر أمرا ضروريا لتجنب الارتفاع المفرط للمديونية وضمان شروط مناسبة لتمويل النفقات العمومية والاقتصاد بشكل عام، وتجنب الضغوط التضخمية التي تضر بالاقتصاد بأكمله.
وحرصا على إرساء سياسة سديدة واستباقية لتدبير التوازنات الماكرو-اقتصادية، يقترح الحزب تطوير نظام لليقظة مدعوم بنظام معلوماتي، ينخرط فيه كل الفاعلين في هذا الميدان، بما يسمح بالكشف عن الإشارات الأولى لتدهور المؤشرات الاقتصادية والتفاعل معها بشكل مبكر لاتخاذ السياسات التصحيحية الملائمة.
وأضاف في هذا الصدد أنه سيكون من اللازم، أيضا، تفعيل آليات التشاور ما بين الحكومة والبنك المركزي لتحقيق الانسجام ما بين السياسة النقدية والسياسة الميزانياتية، وذلك بهدف ضمان تمويل ملائم للاقتصاد، واتقاء ومعالجة الصدمات الداخلية والخارجية التي يجابهها الاقتصاد من حين لآخر والتي تؤدي إلى ضياع نقاط النمو.
كما أكد أن من شأن اعتماد نظام صرف أكثر مرونة أن يعزز قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية مع تقوية ثقة الشركاء الأجانب في التدبير الماكرو-الاقتصادي.